ريمون ابراهيم
الاسلام يسمح للرجال المسلمين التخلي عن نساءهم المغتصبات بغية حفاظهم على أنفسهم, هذا ما قاله الدكتور ياسر البرهامي, نائب رئيس الحزب السلفي المصري والذي يعتبر الآن الحزب الاسلامي الرئيسي في مصر بعد الحظر المفروض على جماعة الاخوان المسلمين.
لم تكن هذه الفتوه التي أصدرها الشيخ السلفي البرهامي بالامر المفاجئ. إذ انه قد ذكر سابقا أن على الرجال المسلمين المتزوجين من غير المسلمات, وعلى وجه التحديد من نصرانيات أو يهوديات, أن يكرههن وأن يبدوا لهن تلك الكراهية,بإعتبارهن ” كافرات” حتى وبالرغم من تمتعهم الجنسي معهنّ.
ومن جملة هذه الفتاوي العديده للدكتور البرهامي طبيب الاطفال بالممارسة, نذكر منها ما يلي: يحرّم على سائقي الحافلات والتكسيات المسلمين من نقل رجال الدين الاقباط الى كنائسهم ذلك لأنه وحسب تعبيره ” اشد منعا من اخذ احدهم الى حانة الخمور”, اجازة زواج الصغيرات, تحريم المسلم على الاحتفال بعيد الام-على انه ابتكار غربي- بالاضافة الى تلك الظاهره الشائعة بنشرات الاخبار وهي إصراره على عدم السماح للمسلم بارتداده عن الاسلام .
الآن جاءت فتوته الأخيرة بها يُجيز للرجال المسلمين التخلي عن نسائهم بتعرضهن للاعتداء الجنسي لأجل المصلحة الذاتيه, بهذا يستند البرهامي على أحكام الفقه السائدة بالقرن الثاني عشر فإنه وحسب الإمام عز ابن عبد السلام, على المسلم التخلي عن أملاكه للصوص إذاما كان هذا ضروريا لأجل سلامة نفسه.
وعلى أساس هذا المنطق فإن البرهامي يماثل ذلك بتخلي الرجل المسلم عن زوجته إذاما كان بدفاعه عنها يجازف بنفسه, ذلك وكأنها تعتبر مجرد إحدى ممتلكاته القابله للتبديل بسهولة.
وكتبت السيدة أماني ماجد, المرأة المسلمة, بهذا الصدد كلمات إنتقاذ لاذعة تحت عنوان ” الرجوله حسب البرهامي” تقول:
“هكذا وما ينطبق على من يهرع بالفرار متخلياً عن ممتلكاته للصوص مخافةً على حياته , ينطبق أيضاُ وحسب رؤية البرهامي وللاسف التخلي عن الزوجة والابنه. فإن تعرضت الزوجة للإغتصاب فإنها ستعتبر كاحدى الممتلكات, على الرجل أن يهرع بالفرار متخلياً عن زوجته في هذا الحال بغية الحفاظ على نفسه. ولما لا؟ إذ أنه لو خسر ممتلكاته فبإمكانه التعويض بغيرها, هكذا ايضاً إذا إغتصبت زوجته فبإمكانه أن يتزوج من غيرها حتى وإن بقت على قيد الحياة.”
وواصلت برأيها النقدي عن تداعيات منطق البرهامي وتسائلت ما سيحدث لو كان على كل رجل مسلم ان يتبعها, فماذا لو شاهد رجل شرطة أثناء دوريته الميدانية إمرأةَ يمارس بها إغتصاباً جماعياً, ولنفترض على انها كانت إمرأة غريبة, أي ليست زوجته او ابنته, فهل يترتب عليه التدخل بالامر كما يتوافق وواجبه المهني معرّضاً نفسه للخطر, او عليه ان يفكر فقط بنفسه ويهرب؟ هل على الجندي المصري أن يقف مدافعاً عن أرضه وشعبه أمام الغزاة, أو لعله يهرب للحفاظ على ذاته؟
هناك ثلاث ملاحظات:
أولاً:
ينبغي علينا أن نعير الإهتمام لأولائك السلفيين أمثال البرهامي الذين يحاولون قدر المستطاع وبكل حرفية ان يسيروا في كل تفاصيل حياتهم على نهج نبي الإسلام محمد وصحابته الاولين, -اصحاب اللحي والجلابيب البيض- إذ من الجدير إعتبارهم كالكنز الدفين لإعلامنا عن ماهية الاسلام كما هو وبكل حرفيته.
إنه المسلم ذو الفكر السلفي من يداوم على إحياء والتقيد ببعض الامور التي تعتبر منافية للعقل, سخيفة بل وحتى شريرة في السياق الغربي – إبتداءاً من محاولتهم وبكل قوة فرض الاحاديث الصحيحة, مثل إكراه المرأة على إرضاع الكبير(ومن السخرية للحفاظ على “أعراضهن”) , شرب بول البعير لاجل صحة جيدة, والدعوة لهدم جميع الكنائس.
وعلى الرغم من هذه الأمانه التي يبديها المسلم بتقيده الديني الا اننا نراها وبالطبع منوطة بقدرته ومنفعته, إذ أن البرهامي بذاته قد صرح مرةً أنه علينا إحترام معاهدات السلام مع إسرائيل وكفّار آخرين, الى أن يأتي الزمن فيه يتمكن المسلمون التراجع عن هذه المعاهدات والإقدام نحو هجوم موفق.
ومع ذلك يبقى السلافيون أكثر صدقاً وصراحةَ من إسلاميين آخرين والمقصود هنا بالاخوان المسلمين ذوي الوجهين, الآن وبعد أن تمت هزيمتهم النكراء في مصر نراهم يبدون الوجه الحقيقي للجماعة, ألا وهو الارهاب الذي سبب فرض الحظر مرة اخرى على هذه الجماعة.
ثانياً:
من المؤكد أن مسلمين كثيرون ولربما الاغلبية منهم يرفضون فتوة “الرجل الجبان” آخر فتاوي البرهامي, وبالاتفاق مع ما ذكر أعلاه , فإنّ لب المشكلة وكالمعتاد أنه بينما تتفق هذه الاغلبية على أن سلوك ذلك الزوج غير لائق, فإنه من الصعب مجادلة رجال الدين السلفيين إذا تعلق الامر بمجال الفقه الإسلامي .
علاوة على ذلك، وعلى الرغم من لهجة السخرية الذي يحويه مقال الرأي النقدي المذكور, ففي واقع الامرغالباً ما تصور الكتب الاسلامية النساءَ على انهن متاعاً للرجال وليس أكثر.
هذه هي المشكلة الاساسية التي يواجهها المسلمون المعتدلون, إذ وبالرغم مما يعجبهم من الايمان تبعاً للعديد من العوامل التاريخيهة والمعرفيه, الا انهم متأثرون جداً بالفكر الغربي – إذ أن الدفاع عن النساء والضعفاء بشكل عام, والشهامة لهي “إبتكار” مسيحي – وعليه فإنهم لا يستطيعون الادراك كلما أصتدمت هذه القيم بالتعاليم الاسلامية ونراهم يتصرفون وبشكل جماعي وكأن هذه التعاليم لا تقصد بالفعل ما تعنيه.
في حين يعرف السلفيون بالضبط ما تعنيه هذه النصوص.
ثالثاً:
إن هذه الفتوه الاخيرة تعتبر كمثلاَ على الاغراء السلفي. إذ أن هذا النوع من الاسلام الحرفي قد قصر من أن يقدم اي شيئ عميق كان او مشبعاً روحانياً, بل راح يقدم إجازةَ الهيه لأنانية بلا حياء – وبهذا الصدد التخلي عن الزوجه للمصلحة الذاتية.
إن تبرير الانانية لا يقتصر هنا لاجل الحفاظ على النفس وحسب بل أيضا لتمتعها, خاصة في سياق الجهاد, وهنا يمكن للمرء ان يتطرق للعديد من الفتاوي السلفية التي تبيح الاغتصاب, ونكاح المحارم, وأيضاً إباحة الدعارة للمقاتلين بهدف تقوية الاسلام. فحتى أبطال مشاهير أمثال خالد ابن الوليد ” سيف الله المسلول” الذي يحتفى به في العالم الاسلامي لاجل فتوحاته الجهادية, نراه ومن منظور أقل مناقبة لم يكن سوى قاتلاً جماعياً ومغتصباً سادياً (يتمتع بتعذيب الآخرين).
وبصورة أشمل, يؤمن المسلمون ذوي الفكر السلفي بأنه يمكن خداع ,خيانة, إغتصاب, استغلال، استعباد أو\و قتل الغير مسلم وكل هذا إذا كان ذلك لمصلحة المسلم الذاتية, وتُعامل على انها لمصلحة الاسلام الذاتية.
ولماذا يؤمنون بذلك؟ لأنه ومن نظرة سلفية يعتبر كل انسان حر غير مسلم أي “كافر” ممن لم يخضعوا للقوانين الاسلامية (الشريعة) – كالأمريكيين والأوروبيين على سبيل المثال- على أنهم بالطبيعة قد ولدوا أعداءاً, هم دار الحرب وفريسة سهلة تضم الى غنائمهم.
Leave a Reply